السنيورة: السوريون وعدوا الحريري بـ"لحود آخر" بعد تهديد الأسد بـ"تكسير لبنان على رأسه"

كشف رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة أن رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وُعِد من قبل السوريين بتغيير في تعامل رئيس الجمهورية آنذاك إميل لحود معه إذا وافق على التمديد، وذلك عقب تهديد الرئيس السوري بشار الأسد له بـ"تكسير لبنان" في لقاء جرى "عالواقف" في سوريا صيف 2004.

وقال السنيورة في أولى جلسات الإستماع لإفادته داخل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي في قضية اغتيال الحريري عام 2005 الإثنين "بعد لقاء الحريري والأسد في 26 آب عام 2004 قال لي الرئيس 'سأذهب إلى فقرا وأتمنى لو تتبعني'.

وعندما وصل السنيورة إلى فقرا مصطحبا الوزير الأسبق باسل فليحان "كان الحريري متجهما وغاضبا ونقرأ في عينيه المزيد من الألم وانتهاك الكرامة وقال لنا 'لقد اجتمعت بالأسد وقال لي يجب أن تسير بالتمديد وإلا سأكسر لبنان على رأسك' وكان لهذا الكلام وقع الصاعقة علي وعلى فليحان".

لكن بعد ذلك كان الحريري "ميالا إلى إيجاد وسائل للتفكير أو لابتداع أمور ربما موقعها وسطيا".

صباح 28 آب كان "هناك جلسة لمجلس الوزراء ولم أعد الحريري بأنني سأحضر الجلسة التي ستعدل الدستور وتمدد للحود" تابع السنيورة.

وأضاف "أبلغت زوجتي بأنني لست موجودا لكن تلقى مكتبي وزوجتي اتصالات عديدة من الشهيد وسام الحسن فحواها أن عدم حضوري لعبة من الحريري بأنه هو سيصوت وأنا أعترض". ولاحقا "اتصلت بي زوجتي وقالت أتمنى عليك ألا تترك الرئيس الحريري وحيدا وبالتالي وصلت متأخراً لاجتماع مجلس الوزراء ولكن سجلت حاضرا لأنني اعتبرت أن المسألة باتت تخص أمن الرئيس الحريري آنذاك".

وما كشف عنه السنيورة أيضا أنه "كان هناك اتصالات بحسب ما فهمت من الرئيس الحريري للملمة الأمور". وقال "أخبرني الحريري أن من ضمن الإتصالات الجارية مع النظام الأمني السوري أنه دعنا ننظر إلى الامام ونفكر بطريقة إيجابية ونخرج من المأزق لأن هناك حاجة للحود وبالتالي ننصحك ونأمل التمديد وبعد ذلك سترى لحودا جديدا وبأنه سيتغير".

وردا على سؤال أجاب السنيورة "قيل للحريري من النظام السوري سنضغط على لحود حتى لو طلبت أن نمنعه من السباحة فسنمنعه".

إلا ان ما حصل أنه في 28 آب "دخل الرئيس لحود إلى الجلسة وقال "البنود من كذا إلى كذا هي مؤجلة". حينها نظر رئيس كتلة "المستقبل" حاليا إلى الحريري "الذي كان يمني النفس بأن لحودا آخرا سيكون متعاونا وقال "أهذا الذي وعدونا به؟".

وعليه إنتهت الجلسة "ولم تبت البنود على الإطلاق" كما أشار السنيورة الذي أضاف: "اتصل الحريري ب(رستم) غزالة (رئيس المخابرات السورية في لبنان آنذاك) وقال له "هل هذا ما وعدتمونا به" فوعد غزالة بأنه سيجد حلا".

إلى ذلك أشار السنيورة إلى أن "غالبية من كانوا يعارضون الحريري ويناصبون له العداء كانوا يدورون في فلك النظام الأمني اللبناني السوري المشترك (..) ولحود هو واحد منهم"، معلنا عن "تعاون وثيق بين النظام الأمني اللبناني والنظام الأمني السوري اللذين كانا يشكلان مصدرا لترويج الأفكار والشائعات عن الحريري".

هنا "خاب ظني من تعديل الدستور والتمديد للحود وفكرت باعتزال السياسة"، قال السنيورة. ولفت إلى أن الحريري كان متيقنا بأن السوريين "لن يتجرأوا على قتله" بعد محاولة اغتيال الوزير الأسبق مروان حمادة.

في جلسة الصباح تطرق السنيورة الى علاقته بالحريري، التي بدأت منذ ايام الدراسة في صيدا وتطورت الى ان باتت علاقة صديقة "متينة" يتحدث فيها الرجلان "بصراحة". وأشاد بالحريري بانه كان همّه كيفية البناء والمساهمة في ازالة عبء الحرب الاهلية، كاشفاً عن ان بداياته السياسية كانت حين طلب منه الحريري ان يكون وزيراً للمالية.

واضاف ان الحريري "تشبّع بروح لبنان القائم على التعدد والانفتاح"، مضيفاً ان "كان بإمكانه ان يكون مثل الكثيرين من الاثرياء الا انه اراد ان يبذل ما توفر لديه من موارد للمساهمة في تحسين قدرات الناس وخاصة الشباب لمواجهة كل التحديات".

ثم كشف السنيورة عن انه كان في التسعينات يلتقي الحريري في سوريا بسبب الاوضاع الامنية غير المستقرة حينها في لبنان، مضيفاً انه كان يطلع من الحريري "على ما يقوم به من لقاءات مع الرئيس السوري حافظ الاسد وكنت اعلم الدور الذي لعبه الحريري للتوصل الى اتفاق الطائف".

وتابع السنيورة انه كان "على اطلاع على المنشآت التي يقوم بها الحريري في سوريا منها قصر المؤتمرات. ومعلوماتي كنت تقتصر على العناوين فقط دون التفاصيل".

وأردف انه في العام 1997 "كانت هناك جولات عديدة من التدخلات المختلفة تتم عبر الجهاز الامني السوري وبعض المسؤولين الامنيين في لبنان التابعين لهم"، مضيفاً انه "كان هناك من يسعى الى استتباع لبنان بشكل كامل من قبل النظام الامني السوري".

ولفت الى ان "العلاقة التي كانت تربط الحريري بحافظ الاسد غير التي كانت تربطه ببشار الاسد".

وأشار السنيورة الى انه "في العام 2000 كانت قبضة النظام السوري قوية جداً"، مضيفاً انه "ليس هناك من امر يمكن ان يتم في لبنان دون تدخل منهم".

وكشف عن ان "المشاريع الاصلاحية التي كن يريدها الحريري كان يصار الى توقيفها في مجلس الوزراء او في مجلس النواب". ولفت الى ان "هذه المشاريع الصلاحية كانت امرا اساسيا جدا من اجل اقدار لبنان على تخطي تحديات اقتصادية".

وأضاف ان الحريري "كان يؤمن بعلاقات سوية مع سوريا لانه كان يميز بين النظام وسوريا البلد".

يُشار الى ان فريق 14 آذار، يتهم كل من النظام السوري و"حزب الله"، بالضلوع في اغتيال الحريري وعدد من الاغتيالات التي ضربت لبنان منذ العام 2005.

ويُذكر أن المحاكمات في قضية المتهمين بمقتل الحريري (في 14 شباط 2005) افتتحت في 16 كانون الثاني الفائت، وأدلى، حتى اليوم، 36 شاهداً بإفاداتهم أمام المحكمة وقبلت 461 بينة بوصفها أدلة.

وبحسب نص الاتهام فان مصطفى بدر الدين (52 عاما) وسليم عياش (50 عاما) وهما مسؤولان عسكريان في "حزب الله"، دبرا ونفذا الخطة التي ادت الى مقتل الحريري مع 22 شخصا اخرين بينهم منفذ الاعتداء في 14 شباط 2005 في بيروت. واصيب في التفجير ايضا 226 شخصا.

اما العنصرين الامنيين حسين عنيسي (39 عاما) وأسد صبرا (37 عاما) فهما متهمان بتسجيل شريط فيديو مزيف تضمن تبني الجريمة باسم مجموعة وهمية اطلقت على نفسها "جماعة النصر والجهاد في بلاد الشام".

وفي 11 شباط الفائت، أصدرت غرفة الدرجة الأولى قراراً بضمّ قضية المتهم الخامس حسن حبيب مرعي إلى قضية المتهمين الأربع.